تلكَ الذكريات التِي تعلقني في حبالٍ شبهِ مقطوعة ، كان لي مساهمة مقدّرة في جعلها تؤول لذلك الحال ..
الآن أشتاقُ لكلِ شيءٍ كنتُ أكرههُ وأتمنى أن يذهبَ بلا رجعة .. ذهبَ الان وأنا ندمِت .. ذهبَ الان وأنا نادِمة .. ذلكَ الـ " كل شيء " يأبى الرجوع .. حدسٌ فِي داخِلي يُخبرني أنَّه من الأفضَل أن يبقى الـ " كل شيءٍ " مجرد ذكريات تطرقُ أبواب مشاعري كلما كللت وترحل وقتما أطردها .. لكن يا حدسِي ، أنا أمرتها قبلاً أن ترحل للأبد ، فهل هي سمعت كلامي؟ ، ناديتها أن تأخذ ما تبقّى من عطرٍ كرِيهٍ لها فهل هيَّ لبَّت ندائي؟ سأخبركَ ما الذي فعلتهُ تلك الذكريات .. رحلت فترةً طويلة وكنتُ فِرحة حقَّاً لرحيلها ، كانت ضيفاً ثقيلاً ، كنتُ غبية جداً وصدقت أنها سترحل وترضخ لهذا القرار بتلكَ السهولة .. رحلت لتضَع مزيداً من عطرِها وتنشرها بين ردهات العقل .. هذا العطِر تأثِيره جدُ سلبي .. تعودت عليه ببساطة .. أنا أعلم ما الذي تخطط لهُ الذكريات .. سترحل وتأخذ ملحقاتها فجأةً .. وسأشتاق أنا لعطرِها وتعتقد أنه نداءٌ لها .. لكن ، هي ليست تفهمني ، عندما أشتاقُ لشيءٍ لا يعني أنِّ أريدُ إعادتهُ مجدداً ، أنا فقط كنتُ معتادةً عليهِ وأنا الآن في مرحلةِ التخلص منه ببطء .. الشوق أولاً ثم التناسي ..
الذكريات ليست سيئة في حدِ ذاتها ، تساعدني على الأقل في العيش لحظة ما مجدداً ، بطريقة أقل تفصيلاً لأعرِف كيف كنت غارقةً في التفاصِيل غير المهمة .. هي فقط لا تعرفني أنا لا أريد أن تنتهي اللحظة أبداً ، كيف لها أن تفهم؟ وهي مجرد بقايا من اللحظات الحقيقية؟ كيف لها أن تفهم وهي ليسَت أنا؟ هل من المهم أن تفهمنِي تلك الذكريات؟ إنْ فهمتني لربما يزدادُ الوضع سوءاً .. أعنِي أنَّها ستملكُ مفاتيحِي وستستطيع حل أحاجيَّ في لحظات .. آهٍ يا ذكريات .. ماذا فعلتِ بي؟ لستِ كثيرةً لذاكَ الحدِّ ، لكنكِ مُهمة جداً وتشغلين حيزاً كبيراً مني ، بطريقةٍ ما أنتِ شيءٌ ضروري بالنسبةِ لي ، لكنِّي أود التخلص منكِ ، أنتِ بالضبطِ كَغذاءٍ يصيب بعض الأشخَاص بالحساسية - وأنا منهم - لكنك غذاء مهم وضروري ولكن الحساسية قاتلة ، لذلك نبحث عن البدائل ، الفرق هُنا أنَّ البدائل تعمل لصالِح الذكريات ، كل بديل تكون فيهِ تفصِيلة صغيرة ترتبط بجزء متناهي الصغِر من الذكرى كأنَّ البدائِل تُعلن حرباً عليَّ وتتهمني بتهمةِ محاولةِ التناسِي وأنا دولةٌ ضعيفةٌ لا سلاحَ لي ولا جيش ، أنا فقط أقاتلُ بنفسِي ولربّما ستكونُ هذهِ هي معركتي الأخِيرة ..
يجب أن أتخَيَّل كيفَ لي أن أعيش دون ذكريات ، هذا يعني ربما أني كنتُ سأكون مجهولةَ الماضِي؟ أو أنني لن أستطيع الثرثرة كثيراً عن الماضِي ، أو ربما لن أستقطع وقتاً من اليومِ الطويل للتفكِير في ذكرياتي والإبحار فيها .. ستكون حياتِي خالية من المواقِف وستكون مجرد لحظات روتينية لا طعم لها ولن أعرفَ حقَّاً قدر السعادة الحقيقي الذِي عشتهُ فيها تلك اللحظة .. ستكون حياتي مجرد لحظات تنقضِي وتتبعها لحظات لن تكون لديَّ مشاعرٌ حقيقية تجاهها ، أعنِي هناكَ لحظات تبدو عادِية جداً جداً جداً في وقتها لكن بعد شهر تتغيّر تماماً حساباتي ، لستُ ثابتة على رأيٍّ واحِد ولا أستطيع ذلك ، النفس تتبدل ولذلك تتبدل معها المشَاعر التي تؤثر في تفكيري عندما يتعلق الأمر بالذكرِياتِ ربمَّا ..
وَ بعد .. الذكريات مهمة جداً لأعيشَ بها .. رغمَ كل ما تفعله وما تحَاوِل فعله ، عزائي هُو أنَّ لا شيءَ كامِل ويجب أن تكونَ الذكريات ضارةً أيضاً كما هي نافعة ، يجب أن تكون الذكريات موجودةً ومحفورةً في قلبِي وعقلي ، يجب أن تكتب بماء الذهب ويجب .. ويجب .. ويجب .. وهل سيحدث الوجوب؟
الذكريات تُنسَى مع مرُور الأيام فقط أتمنَى ألَّا تُنسَى الذكرِيات التِي جعلتني أكتب هذهِ التدوينة من أجلها ، يجب ألَّا أنسَى ذكريات .. الدراسَـة ..
آسفِة إن كتبتُ طلاسماً