الجمعة، 24 يوليو 2015

لستُ أدري.

أنا الآن أعيش في صراع نفسي من النوع المدمِر.
اليوم اكتشفت وتيقنت من أن سؤال واحد فقط كنت تهرب منه داخلك، عندما يخرج للملأ بصوتٍ عالٍ يستطيع أن يقلب كيانك، يجردك من تعابير وجهك، ومن شخصك. يستطيع أن يسلبك كل شيء ببساطة. وعندما تبحث عن الإجابة، لا تجدها. تُعاني من إحساس لا يوصف وتأبى أن تكون أنت. وتتغير نظرتك للأمور بشكلٍ أو آخر.

منذ أن عُدت إلى حيثُ أمي كنت أحتضن الهم حتى لا يفلت مني وتصل رائحته لأنف من أقابلهم، حتى لا أحس بثقله وأتعود على قربه، هم هذهِ اللحظة، هم الفراق، حتى يكون ذاك الهم بسيطاً عندما يأتي وقته، لكني اكتشفت اليوم، أنّه كان وهماً، الهم كان يخدعني طوال الوقت، كان يتسربُ من بين يدي شيئاً فشيئاً كدخان أحاول إمساكه، ولم أستطع! كنتُ أشعر بخفةِ هذا الهم، مع حلول الوقت، ليس لتعودي على وزنه الثقيل، لكن لأنه كان يفلت دون إحساسٍ مني أو إنتباه، كنت غبية طوال ذاك الوقت، كنت غبيةً لأني اعتقدت أنّه من الممكن أن أتغلب على كآبة وغرابة وثقل لحظات الوداع.  كنت غبية لأني ظننت إنني مع حلول الوقت سأصبح باردةً بما يكفي.

أن ذاك الهم كان يردعني عن كل شيء ومن كل شيء منذ لحظة وصولي.. يقتلني.. يقتل شعوري بالفرح، يمزج لحظاتي السعيدة بطابعٍ حزينٍ، يسلبني الأنا الفرحة المرحة التي أتيتُ بها، ضاحكةً لأنَّ شوقها قد أنطفأ، ومسرورة لأنّها عادت وكل شيء كما تركته وأفضل، لكن لا. لم تستطع أناها السعيدة أن تقاوم التفكير في المستقبل، لم تستطع محاربته لتعيش الحاضر، كانت كمن كان يريد شيئاً بشدة، أكثر من استمراره في الحياة حتى وعندما أقتنص فرصته لم يشعر بطعم الفرحة أو الإنتصار. شعور باليأس والبؤس، شعور بالخوف، بعدم الإستقرار، شعور ليس ككل شعور، مشاعر قاسية، أقسى من هذهِ الحروف التي تصفها، مشاعر تنطق اسمي بكره.

يبدو أن تأثري الشديد جعلني أفقدُ سياق الكتابة ولم أعد أدري ما كتبت أو ما سأكتب، لم أعد أدري ما الدي حل بي، لكنّي سأحاول جاهدةً أنا أحرق أناي الجاحدة الحزينة قبل سفري، تركي لها هُنا لن يفيد، لأني عند عودتي ربما ستتلبسني مجدداً.

ليتني أستطيع الهرب وحدي دون أن أبكي، دون أن أضطر لوداع أحبتي هُنا، دون أن يثقل صدري ويصعب تنفسي، ليتني أستطيع أن أغلق عيني وأستيقظ وكل هذا مجرد كابوس سخيف.