الأحد، 3 يناير 2016

تغيّر وتعود.

كل شيء يتغير، لا شيء يظلُّ كما هو.. التغيير سمة ثابتة في كل التفاصيل الحيَّة، قد لا يكون تغييراً ملحوظاً، لروتينية الوضع، وأحياناً يكون تغييراً كبيراً يترك شرخاً كبيراً في النفس، جاعلاً كل حواسك تتساءل عن التغيير الذي حدث، ما يخيف حقاً ذلك التغيير الذي يحدث ببطء، كالسُوس ينخر في الأسنان، إلى أن يصل الجذور فيرقصُ الشخص ألماً ويضطر مُجبراً على الإستغناء عن ذلك الجزء، تلك الأشياء الصغيرة المتراكمة، تسبب بالألم، الخوف، واللامبالاة، تلك الأشياء تخدعك بأنك أنت كما أنت لم يحدث لك شيء، هذهِ التغيرات تحدث عند انتقالك من بيئة لبيئة أخرى، تبدأ في التخلي عن مبادئك شيئاً فشيئاً، دون شعور، أو بلامبالاة محضة، ففكل الحالات أن تتخلّى عن أشياء كثيرة من باب التغيير، بغص النظر عن النيّة، النتيجة هي ما يهم الآن، النتيجة هي التي تؤثر عليك تأثيراً حتمياً في اللحظة، أمّا النيّة يجب أن تُكتنز إلى أن يحين موعد السؤال عنها.. تتخلى عن المبادئ شيئاً فشيئاً حتى تجد نفسكَ عارياً منها تماماً، وتبدأ الرحلة في تغطية الذاتِ والنفس مجدداً، بأقرب المبادئ وصولاً لعقلك وأكثرها تردداً في ثنايا عقلِك، تبدأ في الاختيار دونما وعي أو تفكير وتجد نفسك غريباً مختلفاً عما كنت قبلاً.

أيضاً التعود والرتابة يقتلان فينا الإنبهار وحب الإستكشاف، لذلك نتغير ببطء دونما شعور، فتصبح الأشياء التي أحببتها قبلاً عادةً مملة وقاسية أحياناً! نحن لا نتقنُ الفرح عندما نفعل شيئاً ما بدقة، نرى ذلك عادياً ونحكم على أنفسنا بالرتابة والروتينية فنشتكي إلى أن يحدث طارئ فنتغيّر، وعندما نصل لنقطة التغيّر نأبى التصديق ونخاف أن نفتقد الروتين الذي كنا نتذمر منه دائماً، إلى نتعود على التغيير فيصبح روتيناً مجدداً، كأنها دورة حياة روتينية تخللها تغييرات طفيفة في الأحداث لكنها تكونُ كفكرة عامة كما هي.. حدث ثم عدم رضى ثم تقبّل ثم تعود ثم ممل ثم حدث.. دورة حياة رتيبة ومملة، لكنها تحدث..

نصيحة: لا تتعود، تقبّل ما يحدث لك لكن لا تتعود.
ما الفرق؟ التعود أي أن ما تفعله أصبح الآن شيئاً بديهياً مملاً لا تستخدم فيه جوارحك لعمله أو الإستمتاع به، تفعله لأنك مرغم فقط. أمّا التقبل فهو مرحلة ما قبل التعوّد.. مرحلة تكون فيها قد انتهيت من استكشاف معالم ذلك الشيء تماماً فتستطيع الحكم عليه.

لن تتوقف عن التغيّر، فحتى يكون هذا التغيّرُ ممتعاً افعل كل شيءٍ كأنك لم تفعله قط، امنح نفسك متعة التجربة الأولى مرات كثيرة.. اخرِج نفسك من قالب التعود والحرفية فأنت إن فعلت الشيء مائة مرة ذلك لا يعني أنك فعلته بطريقة صحيحة، فقط مرة واحدة أو اثنتان من تلك المائة كانت رائعة لأنك كنت مستمتعاً.